Albiro مراقب عام
عدد المساهمات : 125 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 العمر : 38
| موضوع: أردوغان و لعنة الغدر بسورية... بقلم: غالب قنديل الخميس أكتوبر 27, 2011 7:13 pm | |
| ما تزال بعض الدوائر الغربية وأوساط في المعارضات السورية تعول على قيام تركيا بالتدخل في سورية بينما تشير الوقائع إلى حجم الكلفة التي ترتبها أي مغامرة ضد سورية ، و هي كلفة ستكون لها تداعياتها الإقليمية ، و انعكاساتها في الداخل التركي ، فالحصيلة الفعلية لانقلاب حكومة العدالة و التنمية على سورية ، تلخصها خيبة مسعى أردوغان للتحول إلى لاعب رئيسي في الداخل السوري و توازناته ، بعدما بات تورطه السوري عنوانا لأخطر متاعبه داخل تركيا .
أولا: من المحسوم أمره أن الطرق في مجلس الأمن الدولي مسدودة كليا أمام أي محاولة أميركية أو فرنسية لاستصدار قرار يمكن استخدامه كغطاء للقيام بأي عمل عدواني ضد سورية، ومصدر هذا الاستنتاج هو التوازن الدولي الجديد الذي عبر عنه الفيتو الروسي الصيني المزدوج المدعوم من مجموعة دول مستقلة تشارك القطبين الدوليين المنافسين للإمبراطورية الأميركية في التطلع و العمل لتأسيس توازن دولي جديد متحرر من ضغوط الأحادية الأميركية التي أفلتت من عقالها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وإعلان نهاية الحرب الباردة.
صمود الشعب السوري والقيادة السورية طيلة الفترة الماضية دفع بموسكو وبكين إلى اتخاذ موقف صلب و واضح ينطلق من طبيعة المخاطر التي تحيط بمصالحهما ونفوذهما وبمعادلات القوة في العالم انطلاقا من خطة إخضاع سورية التي رسمتها الإدارة الأميركية ودوائر الحلف الأطلسي عبر استثمار عدوى الاحتجاجات وتحويل التنظيمات السورية المعارضة في الخارج إلى منصة سياسية وأمنية وإعلامية لتفعيل الاضطرابات و الأعمال الإرهابية داخل سورية.
عبرت الإدارة الأميركية فور انتهاء جلسة الفيتو وهزيمة مشروع القرار الأميركي الفرنسي عن اعتقادها رسميا بأن تركيا هي القوة الإقليمية المهيأة للتدخل في سورية وجاءت الأحداث لتكشف عناصر الضعف في هذه المراهنة خصوصا وقد اضطرت حكومة أردوغان إلى الانصراف للتعامل مع التمرد الكردي وقامت بتحريك قواتها إلى عمق الأراضي العراقية لهذا الغرض ، بينما تلتزم سورية منهجية ضبط النفس التي أثمرت تفاعلا مهما لصالح سورية في صفوف القوى السياسية التركية الحية و المؤسسات التركية و خصوصا الجيش.
ثانيا: تشير التفاعلات التركية الداخلية إلى أن ما قام به رجب طيب أردوغان من تورط في الشأن السوري الداخلي ومن أعمال عدائية واستفزازية على مستوى العلاقة بالقيادة السورية قد ولد موجة من الاعتراض داخل تركيا ، لم تقتصر فحسب على أوساط الحزب الجمهوري وغيره من الدوائر التركية المعارضة بل إن أوساطا أخرى داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم أظهرت اعتراضها داخل الحزب على تورط أردوغان في تخريب ما تم بناؤه على مستوى العلاقات بين البلدين لاسترضاء الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية التي بادلت خدمات حكومة العدالة والتنمية بالمزيد من العدائية والتحقير كما فعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
يضاف إلى هذه الأوساط السياسية التي أخرجت مواقفها عبر الإعلام التركي و من خلال تصريحات وتقارير ومواقف صدرت عن وفود زارت سورية أو عن متحدثين وقياديين داخل تركيا بينما تحول الشأن السوري إلى موضوع استجواب برلماني لأردوغان وحكومته.
أما على صعيد المؤسسة العسكرية التركية فإن جميع التقارير والمعلومات تؤكد وجود اتجاه حاسم برفض التورط في أعمال عدائية ضد سورية انطلاقا من حساب التوازنات على جانبي الحدود و ربطا بالمعادلات الإقليمية القائمة خصوصا بعد الإنذار الإيراني ، و ينطلق التقدير الواقعي لقادة الجيش التركي ، من حساب الكلفة والنتائج الأمنية التي يرتبها أي تورط تركي وحيث حذرت دوائر إستراتيجية تركية من فتح جراح قديمة كقضية لواء اسكندرون التي طوتها القيادة السورية ومعها الشعب السوري بطيبة خاطر لملاقاة الرغبة التي أعلنت قبل سنوات من جانب القيادة التركية للتعاون مع سورية في تأسيس نواة كتلة إقليمية مستقلة مناهضة للهيمنة الاستعمارية الغربية الصهيونية على الشرق.
ثالثا: أقر رجب طيب أردوغان في خلوة حزبه بتراجع معدلات النمو وبوطأة الأزمة الاقتصادية في تركيا محذرا من أن عدم السير في خطة التقشف التي اقترحها سيشعل اضطرابات واحتجاجات كالتي اجتاحت اليونان مؤخرا ، وفي ذات الوقت أشارت التقارير الصحافية التركية إلى مخاطر القطيعة مع سورية على الصعيد التجاري وحركة الترانزيت لكون انعكاساتها تشمل العلاقات بالسوق السورية وتتعداها إلى كل من الأردن ولبنان والخليج حيث تمثل حركة النقل التجاري عبر سورية الشريان الأساسي للصادرات التركية نحو البلاد العربية وهي تقدر سنويا بمليارات الدولارات.
اختناق الاقتصاد التركي هو التوقع الذي فاجأ به رجال الأعمال الأتراك رئيس الحكومة عندما ناقشوا معه مخاطر سياسته اتجاه سورية ، خصوصا وقد شرعت في الظهور أجواء نقمة شعبية على حكومة أردوغان في جميع أنحاء سورية ويخشى كثير من المحللين الأتراك أن تتولد بنتيجتها أجواء مشحونة تعيق أي محاولة لترميم العلاقات بين البلدين التي خربها انقلاب أردوغان بفعل أوهامه السياسية و كنتيجة للخطة التي سار بها لمصلحة الإدارة الأميركية والحلف الأطلسي.
رابعا: إلى النقاشات التركية الداخلية وأولوية المواجهة التي تقودها الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني تضاف النقمة الكبيرة التي قابلت بها أوساط سياسية وشعبية في تركيا خطوة أردوغان بنشر الدرع الصاروخي على الأراضي التركية ، والذي قال بعض المحللين الأتراك صراحة انه مكرس لحماية إسرائيل ، ويتسبب بتصعيد التوتر مع كل من سورية وإيران وروسيا ، ولكل ما تقدم تحولت معادلة صفر مشاكل الشهيرة التي روجها داوود أوغلو في السنوات الماضية ، إلى مادة للتندر في الإعلام التركي الذي يكرر القول أن أردوغان لم يترك جهة أو دولة في المنطقة من غير افتعال مشكلة معها و بدلا من تصفير المشاكل فقد تم تأزيمها بجدارة.
هذا المشهد يؤكد بأي حال حدود قدرة حكومة أردوغان على القيام بأي عمل عدائي ضد سورية ، و يكشف حجم الكلفة العالية لأي مغامرة ، فما تكبده أردوغان حتى الساعة من خسائر سياسية و اقتصادية ، هو نتيجة لما يمكن اعتباره لعنة الغدر بسورية و قد يجد رئيس الحكومة التركية نفسه في كارثة حقيقية ما لم يراجع حساباته و يلقي جانبا بترهات أوغلو و معلميه الأميركيين .
لا الحكومات العربية المأمورة من سفراء الولايات المتحدة ، ولا حكومة أردوغان المشغولة بأزماتها و مشكلاتها المتفاقمة ، ولا إدارة أوباما المهرولة من العراق تحت وطأة الهزيمة، يمكنها أن تتحرش بسورية من غير أن تدفع الكلفة العالية على يد الجيش العربي السوري و منظومة المقاومة المتأهبة للامساك برقبة إسرائيل في وجه أي عدوان على قلعة المقاومة. | |
|
قطرات المطر نائبة المدير
عدد المساهمات : 252 تاريخ التسجيل : 03/10/2011
| موضوع: رد: أردوغان و لعنة الغدر بسورية... بقلم: غالب قنديل الجمعة أكتوبر 28, 2011 2:21 am | |
| | |
|