مروءة ووفاء:
بينما كان الخليفه عمر بن الخطاب جالسا ذات يوم يقضي بين الناس اقبل عليه غلامان يقودان شابا مقيدا ويقولان انه قتل اباهما ويطلبان ان يثأر الخليفه لهما ولما سأل عمر الشاب لم ينكر التهمة ولكنه قال انه كان يرعى ابله فتسللت احدى النوق الى بستان قريب واذا بشيخ يرميها بحجر فيصيب منها مقتلا فما ان رأى الشاب ناقته تتلوى حتى فقد صوابه وتناول الحجر نفسه ورمى به الشيخ رمية مانت هي القاضية.
فقال الخليفه:
لقد اعترفت بما اقترفت فلا بد من قصاص
قال الشاب:امري الى الله تعالى ولكن لي اخ صغير كان والدنا قد خصه قبل وفاته بمال جزيل سلمه لي واشهد الله على ان احفظه حتى يشب فاتحذت لذلك المال مدفننا وضعته فيه لا يعلم فيه احد سواي فان امرت بقتلي ذهي المال وكنت انت السبب وطالبك اليتيم بحقه يوم يقضي الله سبحانه وتعالى بين خلقه وان امهلتني ثلاث ايام اقمت من يتولى امر الغلام من بعدي وسلمته المال ثم اعود راجعا مشكورا
فأطرق عمر ثم نظر الى من حوله وقال:ومن يضمنك ويكفل عودتك؟
فنظر الشاب الى وجوه الموجودين واشار الى ابي ذر الغفاري رضي الله عنه دون يأس وقال :ابو ذر يضمنني ويكفلني لمدة ثلاث ايام
قال الخليفه:اتكفله يا ابا ذر:
قال:نعم
قال:ان لم يرجع قتلت مكانه
قال :رضيت وقبلت
واذن القاضي للشاب بالذهاب على ان يكون اللقاء بعد ثلاثة ايام ولما انقضت الايام الثلاث اقبل ولدا القتيل الى المجلس يطلبان تنفيذ القصاص ولكن الشاب لم يحضر وقال الخليفه على مسمع ابي ذر والله ان لم يحضر لاقضين ابي ذر بشريعه الله سبحانه
فأخذ الحاضرون يتهامسون وكلهم مشفق على ان يذهب ابو ذر ضحية مروءته وراحو يعرضون على الغلامين دية ابيهما وهما يرفضان.
ثم امر القاضي فألبس ابو ذر اثواب الموت ومشى لمكان فطع الرقاب فلا الصخب والصراخ اسفا على ابي ذر وكانت ساعة تدهش الابصار وتحير العقول.
وفجأه اقبل الشاب مسرعا وهو يصيح من بعيد:عسى ابو ذر سالما
ففتحوا له الطريق ولما راى ابت ذر على النطق ما يزال حيا تهلل وجهه وضمه اليه وقبله وشكره و حمد الله تعالى كثيرا على سلامته ثم انتصب واقفا وبادر بالتحيه والسلام وقال:
لقد اتممت وصبة والدي ووفيت بوعدي فافعل ما شئت يا امير المؤمنين فانا راضي بحكم الله سبحانه وتعالى وقدره
دهش الحاضرين واقبلوا على ابي ذر مهنئين وعلى الشاب شاكرين قائلين: لله ما اكرمك وما اوفاك
وعند ذلك تقدم الغلامان من الخليفة وقالا: لقد عفوما عن الشاب ووهبنا له دم ابينا لئلا يقال ذهب المعروف من الناس
فامر القاضي بالعفو عن الشاب وشكره على صدقه ووفائه واكبر في ابي ذر مروءته واثنى على الشابين على حسن ثنائهما
الرئيسية 
